البيئة البحثية في تعليمنا العالي.. آليات تنفيذية جديدة لطلاب الدراسات واستراتيجية وطنية على الطريق

البيئة البحثية في تعليمنا العالي.. آليات تنفيذية جديدة لطلاب الدراسات واستراتيجية وطنية على الطريق

طلبة وجامعات
3/8/2011
ميساء الجردي
بحث علمي متطور بالشكل المناسب، ورؤى وأفكار قابلة للتطبيق، واستراتيجية على المستوى الوطني للنهوض بالبحث العلمي، هو ماتتطلبه المرحلة القادمة.

بهذاالمضمون ناقش مجلس التعليم العالي واقع البحث العلمي في جامعاتنا، مطالباً الجامعات بتقديم مقترحاتهم في هذا المجال.‏‏

حول ذلك تحاورنا مع الدكتور نجيب عبد الواحد معاون وزير التعليم العالي لشؤون البحث العلمي، واستعرضنا معه جوانب من هذا الواقع، ونقاط القوة والضعف، وآلية تطوير البحث العلمي والإجراءات الموجودة والمطلوبة؟‏‏

كانت بدايةً عبارة عن تقييم لموقع ومكانة البحث العلمي بالنسبة للتعليم العالي مؤكداً: أن البحث العلمي هاجس من هواجس التعليم العالي لأنه وظيفة عضوية من وظائف التعليم العالي، ومكملاً للوظيفة الأولى التي تقوم بها الجامعات في نشر المعرفة وتوليدها ونقلها للغير.‏‏

‏

موضحاً: أن البحث العلمي ونشر المعرفة وظيفتين تكملان بعضهما فالبحث العلمي يعني التعليم، والتعليم أداة من أدوات البحث العلمي.‏‏

وبالتالي البحث العلمي له نفس درجة الاهتمام بالوظيفة التعليمية لكنه ليس بنفس الدرجة من الإنتاج.‏‏

-------------------------------------------------------‏‏

5000 عضو هيئة تدريسية‏‏

ولتوضيح هذا الجانب يقول: د. عبد الواحد إن جامعاتنا مغرقة بالوظيفة التعليمية بحكم الازدحام والطلب الكبير على التعليم العالي.. وهذا يشغل أعضاء الهيئة التدريسية الذي يفوق عددهم على الـ 5000 عضو هيئة تدريسية في جامعاتنا الحكومية وهؤلاء يفترض أن يكونوا باحثين كما هم معلمون.‏‏

وبالتعريف: هم دكاتره أجروا بحثاً علمياً بالدكتوراه وتعلموا بالبحث العلمي.. ويمكن القول إن إنتاجهم البحثي مقبول، لكنه مازال دون مستوى الطموح.. وهناك أسباب عديدة لا تتعلق بالباحثين فقط.. فمنها مايتعلق بالبيئة البحثية، النموذج الاقتصادي، الطلب على البحث العلمي بالقطاعات الإنتاجية.. الخ.‏‏

ومع ذلك نحن نبحث وعلى أكتافنا تقع مسؤولية البحث العلمي.‏‏

ما الذي حصل في مجلس التعليم العالي؟ حول هذا السؤال يقول معاون الوزير: كانت جلسة استراتيجية بامتياز، بحثت في شؤون البحث العلمي ودعي إليها مدير عام هيئة البحث العلمي، وأعضاء في مراكز بحثية كبرى مثل هيئة الطاقة الذرية، مركز الدراسات والبحوث العلمية، الاستشعار عن بعد، مركز بحوث الطاقة.. وممثلون من وزارات مختلفة.. حيث عرض الواقع وقدمت المقترحات كورقة عمل.. أما المعنيون بالبحث العلمي فهم الباحثون في الجامعات.‏‏

التي تضم أعضاء الهيئة التدريسية وطلاب الدراسات العليا.‏‏

-------------------------------------------------‏‏

العوائق‏‏

كان استفسارنا حول تقييم المرحلة السابقة.. حيث عرض واقع البحث العلمي لعام الـ 2010 وحسب د. عبد الواحد هو إنتاج مقبول لكنه لايرقى إلى الطموح ويغلب عليه الطابع النظري، في حين نحن نصبو إلى منتجات ذات جدوى.. وهناك عوائق كثيرة تخص الانفاق، تخص التمويل، تخص التشريعات، تخص الطلب العالي على الدراسات العليا، وتخص التعاون مع الجهات الأخرى..‏‏

لأن الجامعات والوزارة هي جهة عارضة للبحث العلمي، وتحتاج إلى زبون، أي جهات تطلب البحث العلمي «قطاعات إنتاجية وقطاعات أعمال» في العام والخاص.‏‏

وبتوضيح أكثر: إن هذه الإشكالية موجودة في كل الدول النامية إذ إن «العرض والطلب» هو الذي يدور عجلة البحث العلمي.‏‏

--------------------------------------------------------‏‏

البيئة البحثية‏‏

ولكن بالمقابل هناك إجراءات عديدة لتفعيل وتشجيع البحث العلمي، وأهمها تفعيل البيئة التمكينية «المختبرات، المكتبات» والاشتراك بأحدث قواعد البيانات للبحث العلمي «المجلات، الدوريات، الكتب».‏‏

واتخذت الوزارة إجراءات تشجع النشر العالمي الخارجي في المجلات العالمية.. وضمن سياسة وطنية للربط بين القطاعات الإنتاجية وسوق العمل والجامعات تم إشراك ممثلين عن هذه الجهات، لمناقشة مواضيع الأبحاث.‏‏

وهناك برامج بحثية مشتركة مع العديد من الدول العربية والصديقة، وكل هذه الإجراءات انطلقت ويعمل بها.‏‏

-----------------------------------------------------‏‏

لامشكلة بالتمويل؟‏‏

جانب له أهميته في تطوير البحث العلمي، وهو موضوع الانفاق والتمويل فقد صدر مرسوم في عام الـ 2009 لإحداث صندوق البحث العلمي.‏‏

ويوضح د. عبدالواحد أن الصندوق فعال حالياً وله مؤسسة وآليات تعمل في مديريات البحث العلمي، وعلى اعتبار أن المرسوم نص على وجود طابع باسم البحث العلمي، فقد رفعنا مشروع لرئاسة مجلس الوزراء لإطلاق هذا الطابع.‏‏

ولدينا الموارد الذاتية في الجامعات التي تمول الصندوق كل سنة، فقد صدر قرار من مجلس التعليم العالي يقضي أن تحدد كل جامعة النسبة التي تريد إنفاقها على البحث العلمي من الموارد الذاتية وهذه النسبة قد تصل إلى 16? من الموارد الذاتية، وهي نسبة كبيرة لايستهان بها.‏‏

وهناك أيضاً ميزانية من الدولة، وزارة المالية وقد وصلت ميزانيتنا هذا العام إلى 185 مليون ليرة سورية وزعت لتغطية الاستهلاكات والمكتبات الالكترونية.‏‏

جانب كبير من البحث العلمي ينفذ من قبل طلاب الدراسات العليا وعليه يضع التعليم العالي حالياً سياسة للارتقاء بمستوى الدراسات العليا، نوعيتها، جودتها، وآلية الإشراف عليها.‏‏

والشيء الذي اتفق عليه والذي سوف يصدر كما أشار معاون الوزير هي آليات تنفيذية جديدة، فقدجرت العادة أن يسجل الطلاب في السنة الأولى دراسات عليا وينهون مقرراتهم ثم يحدد موضوع البحث.‏‏

وبهذا يضيع نحو 6 أشهر من الوقت..‏‏

ولهذا واعتباراً من هذا العام، يحدد لكل طالب مشرف، ويبدأ الطالب منذ السنة الأولى، بوضع المخطط البحثي لموضوعه حتى لايضيع الوقت.‏‏

--------------------------------------------------------‏‏

تفعيل الإشراف‏‏

لقد وجد أن بعض الأساتذة لديهم عدد كبير من طلبة الدراسات العليا يشرفون عليهم، بينما بعض الأساتذة ليس لديهم طلاب دراسات لعدة أسباب.. ليست هي موضوعنا الآن.‏‏

ولكن سوف يكون هناك تنسيق أكثر فعالية وأكثر عدالة في التوزيع، مع وضع برنامج زمني لرصد تقدم الطالب كل ستة أشهر «يعمل سمينار، يرفع تقريراً إلى رئيس القسم» ويكون هناك منسق للبرنامج.‏‏

من كل ماتقدم، من المهم أن نصل إلى آلية للاستفادة من الأبحاث المنجزة، وألا تظهر النتائج ثم توضع على الرف، وعليه يؤكد د. عبد الواحد: نحن نأمل أن تكون المواضيع تطبيقية، ومطروحة من قبل جهة معينة تنتظر النتيجة لتطبيقها.‏‏

وتسويق النتائج، هو أحد هواجسنا، وسوف يكون هناك آليات لترويج نتائج البحث العلمي.. ونذكر هنا: مكاتب الارتباط التي أحدثت في الجامعات «في جامعة حلب، مركز للابتكار للربط بين القطاعات الإنتاجية وبين الجامعات».‏‏

----------------------------------------------------‏‏

الوظيفة الرابعة للجامعة‏‏

ويقول: إن مرحلة تسويق الأبحاث والاختراعات تسمى الوظيفة للجامعة «الوظيفة الاقتصادية» أي مفهوم الجامعة المنتجة.. وهذا ملحوظ لدينا وله خطط، لكنه يحصل جزئياً عن طريق الوظيفة الاستشارية للجامعة.‏‏

حيث تتقاضى الجامعة وبحسب قانون التفرغ 50? من العائدات الوظيفية الاستشارية من الأعمال الاستشارية التي يقوم بها أعضاء الهيئة التدريسية أثناء ممارسة المهنة، وطبعاً هذه العائدات ليست من البحث العلمي الصرف لكنها من الوظيفة الاقتصادية للجامعة، أما في مجال البحث العلمي يمكن القول إننا لم نصل إلى 10? من التسويق للنتائج والطموح أكبر بكثير.‏‏

هذا جانب مهم من البحث العلمي، ومن الضروري أن نعرف أن الجامعة تقدم قسماً كبيراً من الإنتاج العلمي لإغناء الثروة المعرفية والعلمية، وهي بحوث علوم أساسية لعلوم أخرى تطبيقية.. وماهو منتظر كثير بالنسبة للجانبين والارتقاء يكون بالعلم.